الثلاثاء، 21 يناير 2014

معلّقة عمرو ابن كلثوم التّغلبي

عمر ابن كلثوم
 من أصحاب المعلّقات

هو عمرو ابن كلثوم ابن مالك التّغلبي الوائلي من قبائل نزار,  ينتهي نسبه بمعد ابن عدنان.
وأمّه ليلى بنت المهلهل ابن ربيعة التّغلبي .
ساد عمر قومه في سنّ صغير و كان من المعمّرين اذ عاش ما يقارب قرنا و نصف القرن (150 عام) و يقال أنّه مات سنت 54 قبل الهجرة . 
 كان لعمر الكثير من الأمجاد و المفاخر ممّا يستحقّ الذّكر ولكنّه بإنشائه قصيدت واحدة لم يترك لنا مجالا للحديث إلا عنها و لا لوم علينا في ذلك فلقد ألهت بني تغلب كلّهم عن طلب المجد.
نضم عمرو ابن كلثوم كلماته فكانت قصيدة من أجمل ما قالت العرب في تاريخها و علّقت على جدار الكعبة الشّريفة و قيل أنّها مكوّنة من ألف بيت لم يبق منها إلا ما حفضه الرّوّات و لها قصّة جميلة :
نعرف قصّةحرب البسوس اللتي دامت سنين طوالا بين الأخوين بكر و تغلب التي كثر قتلاها و كثر معهم طلّاب الثّأر وتفاقمت الأحقاد... روي أنّه في سنة جفاف ; إستسقى قومن من تغلب بني بكر فطردوهم (لأنّ الحرب و إن انتهت إلا أنّ الأحقاد لا تزال في النّفوس) فماتوا كلّهم عطشا وكانو سبعين , والعرب لا يسكتون على مثل هذا, فلا يكون إلا الحرب . فلمّا استعدّ الطّرفان و كان اللّقاء بينهما , كأنّ ما كرهو أن تعود الحرب فالتّفقوا على المقاضات أمام الملك عمر ابن المنذر اللّخمي و شهر عمر إبن هند . و الملك كان يحبّ عمرو ابن كلثوم فقرّبه إلى أن ألقى عمرو قصيدته التي تعدّ من أجمل ما قالة العرب , إلا أنّ فيها من الطّيش و قلّت الحكمة ما أفسد على التّغلبيّين قضيّتهم لما فيها من التّفاخر بالأمجاد و النّسب و لم يرع للملك مقاما و غلا في ذلك غلوّا كبيرا.. و كان من ضمن ما قال :

وَرِثْنا الَمجْدَ قَدْ عَلَمِتْ مَعَدٌّ *** نُطَاعِنُ دُونَهُ حَتَّى يَبِينا
وَنَحْنُ إِذا عِمادُ الْحَيِّ خَرَّتْ***عَنِ الأَحْفَاضِ نَمْنَعُ مَنْ يَلينا
إلى أن يقول :
بِرَأْسٍ مِنْ بَني جُشَمِ بْنِ بَكْرٍ *** نَدُقُّ بِهِ السُّهُولَةَ وَالُحزُونَا
أَلا لا يَعْلَمُ الأَقْوامُ أَنَّا  ***  تَضَعْضعْنا وَأَنَّا قَدُ وَنِينا
أَلا لا يَجْهَلَنْ أَحَدٌ عَلَيْنَا *** فَنَجْهَلُ فَوْقَ جَهْلِ الَجاهِلِينا
و قال, و هذا ما لا يقال في حضرة ملك :
وَقَدْ عَلِمَ الْقَبَائِلُ مِنْ مَعَدِّ *** إِذَا قُبَبٌ بِأَبْطَحِهَا بُنِينا
بِأَنّا الُمطْعِمُونَ إِذَا قَدَرْنَا *** وَأَنَّا الُمهْلِكُونَ إِذَا ابْتُلِينا
وَأَنَّا الَمانِعُونَ لِما أَرَدْنا *** وَأَنَّا الْنَّازِلُونَ بِحَيْثُ شِينا
وَأَنّا التَّارِكُونَ إِذَا سَخِطْنَا *** وَأَنّا الآخِذُونَ إِذَا رَضِينا
وَأَنّا الْعَاصِمُونَ إِذَا أُطِعْنْا *** وَأَنّا الْعازِمُونَ إِذَا عُصِينا
وَنَشْرَبُ إِنْ وَرَدْنَا الَماءَ صَفْواً *** وَيَشْرَبُ غَيْرُنَا كَدِراً وَطِينا
إِذَا مَا الَملْكُ سَامَ الْنَّاسَ خَسْفاً *** أَبَيْنا أَنْ نُقِرَّ الذُّلَّ فِينا
مَلاَنا الْبَرَّ حَتَّى ضَاقَ عَنَّا *** وَمَاءَ الْبَحْرِ نَمَلؤُهُ سَفِينا
إِذا بَلَغَ الْفِطَامَ لَنا صَبِيٌّ *** تَخِرُّ لَهُ الْجَبابِرُ ساجِدِينا
و يقال أنّ هندا أمّ عمرو زعمت أنّها أعزّ نساء العرب لأنّها ابنة ملك و زوجة ملك و أمّ لملك فردّوا عليها بأنّ أمّ عمرو ابن كلثوم أعزّ العرب فهي ليلى بنت المهلهل و عمّها كليب أعزّ العرب و زوجها كلثوم ابن مالك أفرس العرب و ابنها عمرو ابن كلثوم سيّد قومه. فأرادت أن تثبت ما زعمت فطلبت من ابنها استدعاء التّغلبيّين ضيوفا , فحضروا وعلى رأسهم عمرو ابن كلثوم و أمّه ليلى .
وفي مجلس النّساء طلبت هند من ليلى إعطاأها طبقا من الغلال فردّت عليها و قالت : فالتقم صاحبة الحاجة لحاجتها . فأعادت عليها الطّلب ملحّة فصاحت ليلى : وا ذُلَّاه , يال تغلب , فقام عمرو ابن كلثوم إلى سيف معلّق و قتل عَمْرَ ابن هند و خرج إلى قومه فقتلوا و سلبوا ثمّ عادوا للدّيار ولم يصب أحد منهم .

الاثنين، 20 يناير 2014

الزّير سالم ابن ربيعة التّغلبي "المهلهل"

المهلهل


هو الزّير سالم ابن ربيعة التّغلبي(ويقال أنّ اسمه عدي ابن ربيعة) وهو أخ وائل ابن ربيعة أعزّ العرب.
و تغلب قبيلة من بني وائل ابن نزار, اشتهرت بقوّتها و شدّة بأس فرسانها ولها من الأمجاد ما تحسد عليه, حتّى أنّ أحد المخضرمين يقول فيهم: "لو تأخّر الإسلام لأكلت تغلب العرب".
والمهلهل كان شاعرا و فارسا مغوارا لا يشقّ له غبار وكان بطّاشا ليس في قلبه مكان للخوف, إلا أنّه كان مهلهلا و زير نساء محبّا لللّهو والصّيد غير مكترث لشؤون قومه. و المهلهل هو الرّقيق سخيف النّسج. و يقال هلهل فلان الشّعر أي لم ينقّحه و أرسله كما  جاأه لذلك سمّي بالمهلهل. وكان الزّير مقلّا في شعره يقول بيتا أو بيتين في الغزل إلى ان قتل جسّاس ابن مرّة البكري أخاه وائل ابن ربيعة  " كليب  " حتّى انقلبت حياة الزّير كاملة فأقسم على أن لا يعود إلى لهوه و سكره حتّى يحقّق ثأره من بني بكر كلّهم ويبيدهم عن بكرت أبيهم و لكن طال رثاؤه لأخيه وكثر شعره و طال بكائه عند قبره حتّى ظنّة العرب أنّه لن يقاتل وأنّه لا يصلح للقتال وطلب الثّأر وصار مسبّةً بينهم ..
 و لكنّه أقام حربا دامت أرعين عاما و كان له فيها العجائب و الأخبار الكثيرة.
قال الزّير سالم يرثي أخاه كليبا:

أَهَاجَ قَذَاءَ عَيْنِي الإِذِّكَارُ      هُدُوّاً فَالدُّمُوعُ لَهَا انْحِدَارُ

وَصَارَ اللَّيْلُ مُشْتَمِلاً عَلَيْنَا          كأنَّ الليلَ ليسَ لهُ نهارُ

وَبِتُّ أُرَاقِبُ الْجَوْزَاءَ حَتَّى            تقاربَ منْ أوائلها انحدارُ

أُصَرِّفُ مُقْلَتِي فِي إِثْرِ قَوْمٍ      تَبَايَنَتِ الْبِلاَدُ بِهِمْ فَغَارُوا
وَ أبكي وَ النجومُ مطلعاتٌ           كأنْ لمْ تحوها عني البحارُ
عَلَى مَنْ لَوْ نُعيت وَكَانَ حَيّاً         لَقَادَ الخَيْلَ يَحْجُبُهَا الغُبَارُ
دَعَوْتُكَ يَا كُلَيْبُ فَلَمْ تُجِبْنِي         وَ كيفَ يجيبني البلدُ القفارُ
أجبني يا كليبُ خلاكَ ذمٌّ            ضنيناتُ النفوسِ لها مزارُ
أجبني يا كليبُ خلاكَ ذمُّ             لقدْ فجعتْ بفارسها نزارُ
سقاكَ الغيثُ إنكَ كنت غيثاً   وَيُسْراً حِينَ يُلْتَمَسُ الْيَسَارُ
أَبَتْ عَيْنَايَ بَعْدَكَ أَنْ تَكُفَّا           كَأَنَّ غَضَا الْقَتَادِ لَهَا شِفَارُ
وَ إنكَ كنتَ تحلمُ عنْ رجالٍ            وَ تعفو عنهمُ وَ لكَ اقتدارُ
وَ تمنعُ أنْ يمسهمُ لسانٌ        مخافة َ منْ يجيرُ وَ لاَ يجارُ
وَكُنْتُ أَعُدُّ قُرْبِي مِنْكَ رِبْحاً            إِذَا مَا عَدَّتِ الرِّبْحَ التِّجَارُ
فلاَ تبعدْ فكلٌّ سوفَ يلقى          شَعُوباً يَسْتَدِيرُ بِهَا الْمَدَارُ
يَعِيشُ المَرْءُ عِنْدَ بَنِي أَبِيهِ      وَ يوشكُ أنْ يصيرَ بحيثُ صاروا
أرى طولَ الحياة ِ وّ قدْ تولى كَمَا قَدْ يُسْلَبُ الشَّيْءُ المُعَارُ
كَأَنِّي إذْ نَعَى النَّاعِي كُلَيْباً           تطايرَ بينَ جنبيَّ الشرارُ
فدرتُ وّ قدْ عشيَ بصري عليهِ         كما دارتْ بشاربها العقارُ
سألتُ الحيَّ أينَ دفنتموهُ            فَقَالُوا لِي بِسَفْحِ الْحَيِّ دَارُ
فسرتُ إليهِ منْ بلدي حثيثاً        وَطَارَ النَّوْمُ وَامْتَنَعَ القَرَارُ
وَحَادَتْ نَاقَتِي عَنْ ظِلِّ قَبْرٍ              ثَوَى فِيهِ المَكَارِمُ وَالْفَخَارُ
لدى أوطانِ أروعَ لمْ يشنهُ          وَلَمْ يَحْدُثْ لَهُ فِي النَّاسِ عَارُ
أَتَغْدُوا يَا كُلَيْبُ مَعِي إِذَا مَا           جبانُ القومِ أنجاهُ الفرارُ
أتغدُوا يا كليب معي إذا ما         خلوق القوم يشحذُها الشفار
أقولُ لتغلبٍ وَ العزُّ فيها               أثيروها لذلكمُ انتصارُ
تتابعَ إخوتي وَ مضوا لأمرٍ            عليهِ تتابعَ القومُ الحسارُ
خذِ العهدَ الأكيدَ عليَّ عمري          بتركي كلَّ ما حوتِ الديارُ
وَهَجْرِي الْغَانِيَاتِ وَشُرْبَ كَأْسٍ       وَلُبْسِي جُبَّة ً لاَتُسْتَعَارُ
وَ لستُ بخالعٍ درعي وَ سيفي        إلى أنْ يخلعَ الليلَ النهارُ
وإلاَّ أَنْ تَبِيدَ سَرَاة ُ بَكْرٍ                  فَلاَ يَبْقَى لَهَا أَبَداً أَثَارُ
وقال :
لما نعى الناعي كليباً أظلمتْ***شمسُ النهارِ فما تريدُ طلوعا
قتلوا كليباً ثم قالوا أرتعوا***كذبوا لقدْ منعوا الجيادَ رتوعا
كَلاَّ وَأَنْصَابٍ لَنَا عَادِيَّة ٍ *** مَعْبُودَة ٍ قَدْ قُطِّعَتْ تَقْطِيعَا
حتى أبيدَ قبيلة ً وَ قبيلة ً *** وَ قبيلة ً وَ قبيلتينِ جميعا
وَتَذُوقَ حَتْفاً آلُ بَكْرٍ كُلُّها***وَنَهُدٌ مِنْهَا سَمْكَهَا الْمَرْفُوعَا
حَتَّى نَرَى أَوْصَالَهُمْ وَجَمَاجِماً***مِنْهُمْ عَلَيْهَا الخَامِعَاتُ وُقُوعَا
وَ نرى سباعَ الطيرِ تنقرُ أعيناً***وَتَجُرُّ أَعْضَاءً لَهُمْ وَضُلُوَعا
وَالْمَشْرَفِيَّة َ لاَ تُعَرِّجُ عَنْهُمُ***ضَرْباً يَقُدُّ مَغَافِراً وَدُرُوعَا
وَالْخَيْلَ تَقْتَحِمُ الْغُبَارَ عَوَابِساً***يومَ الكريهة ِ ما يردنَ رجوعا
وقال :
كُلَيْبُ لاَ خَيْرَ في الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا******* إنْ أنتَ خليتها في منْ يخليها
كُلَيْبُ أَيُّ فَتَى عِزٍّ وَمَكْرُمَة ٍ******تحتَ السفاسفِ إذْ يعلوكَ سافيها
نعى النعاة ُ كليباً لي فقلتُ لهمْ******مادتْ بنا الأرضُ أمْ مادتْ رواسيها
لَيْتَ السَّمَاءَ عَلَى مَنْ تَحْتَهَا وَقَعَتْ*****وَحَالَتِ الأَرْضُ فَانْجَابَتْ بِمَنْ فِيهَا
أضحتْ منازلُ بالسلانِ قدْ درستْ*******تبكي كليباً وَ لمْ تفزعْ أقاصيها
الْحَزْمُ وَالْعَزْمُ كَانَا مِنْ صَنِيعَتِهِ*******ما كلَّ آلائهِ يا قومُ أحصيها
القائدُ الخيلَ تردي في أعنتها*******زَهْوَاً إذَا الْخَيْلُ بُحَّتْ فِي تَعَادِيها
النَّاحِرُ الْكُومَ مَا يَنْفَكُّ يُطْعِمُهَا*******وَالْوَاهِبُ المِئَة َ الْحَمْرَا بِرَاعِيهَا
منْ خيلِ تغلبَ ما تلقى أسنتها********إِلاَّ وَقَدْ خَضَّبَتْهَا مِنْ أَعَادِيهَا
قدْ كانَ يصحبها شعواءَ مشعلة ً*******تَحْتَ الْعَجَاجَة ِ مَعْقُوداً نَوَاصِيهَا
تكونُ أولها في حينِ كرتها*********وَأنتَ بالكرَّ يومَ الكرَّ حاميها
حَتَّى تُكَسِّرَ شَزْراً فِي نُحُورِهِمِ*******زرقَ الأسنة ِ إذْ تروى صواديها
أمستْ وَ قدْ أوحشتْ جردٌ ببلقعة ٍ******للوحشِ منها مقيلٌ في مراعيها
ينفرنَ عنْ أمَّ هاماتِ الرجالِ بها*****وَالْحَرْبُ يَفْتَرِسُ الأَقْرَانَ صَالِيهَا
يهزهونَ منَ الخطيَّ مدمجة ٍ******** كمتاً أنابيبها زرقاً عواليها
نرمي الرماحَ بأيدينا فنوردها*******بِيضاً وَنُصْدِرُهَا حُمْراً أَعَالِيهَا
يا ربَّ يومٍ يكونُ الناسُ في رهجٍ*******بهِ تراني على نفسي مكاويها
مستقدماً غصصاً للحربِ مقتحماً********ناراً أهيجها حيناً وأطفيها
لاَ أَصْلَحَ الله مِنَّا مَنْ يُصَالِحُكُمْ******ما لاحتِ الشمسُ في أعلى مجاريها
وقال :
كُنَّا نَغَارُ عَلَى الْعَوَاتِقِ أَنْ تَرَى***بالأمسِ خارجة ً عنِ الأوطانِ
فَخَرَجْنَ حِينَ ثَوَى كُلَيْبٌ حُسَّراً *** مستيقناتٍ بعدهُ بهوانِ
فَتَرَى الْكَوَاعِبَ كَالظِّبَاءِ عَوَاطِلاً***إذْ حانَ مصرعهُ منَ الأكفانِ
يَخْمِشْنَ مِنْ أدَمِ الْوُجُوهِ حَوَاسِراً***مِنْ بَعْدِهِ وَيَعِدْنَ بِالأَزْمَانِ
مُتَسَلِّبَاتٍ نُكْدَهُنَّ وَقَدْ وَرَى *** أجوافهنَّ بحرقة ٍ وَ رواني
وَ يقلنَ منْ للمستضيقِ إذا دعا***أمْ منْ لخضبِ عوالي المرانِ
أمْ لا تسارٍ بالجزورِ إذا غدا***ريحٌ يقطعُ معقدَ الأشطانِ
أمْ منْ لاسباقِ الدياتِ وَ جمعها***وَلِفَادِحَاتِ نَوَائِبِ الْحِدْثَانِ
كَانَ الذَّخِيرَة َ لِلزَّمَانِ فَقَد أَتَى***فقدانهُ وَ أخلَّ ركنَ مكاني
يَا لَهْفَ نَفْسِي مِنْ زَمَانٍ فَاجِعِ***أَلْقَى عَلَيَّ بِكَلْكَلٍ وَجِرَانِ
بمصيبة ٍ لا تستقالُ جليلة ٍ***غَلَبَتْ عَزَاءَ الْقَوْمِ وللشُّبان
هَدَّتْ حُصُوناً كُنَّ قَبْلُ مَلاَوِذاً*** لِذَوِي الْكُهُولِ مَعاً وَالنِّسَوَانِ
أضحتْ وَ أضحى سورها منْ بعدهِ***متهدمَ الأركانِ وَ البنيانِ
فَابْكِينَ سَيِّدَ قَوْمِهِ وَانْدُبْنَهُ *** شدتْ عليهِ قباطيَ الأكفانِ
وَ ابكينَ للأيتامِ لما أقحطوا***وَ ابكينَ عندَ تخاذلِ الجيرانِ
وَ ابكينَ مصرعَ جيدهِ متزملاً*** بِدِمَائِهِ فَلَذَاكَ مَا أَبْكَانِي
فَلأَتْرُكَنَّ بِهِ قَبَائِلَ تَغْلِبٍ***قتلى بكلَّ قرارة ٍ وَ مكانِ
قتلى تعاورها النسورُ أكفها***ينهشنها وَ حواجلُ الغربانِ

وقال :

أليلتنا بذي حسمٍ أنيريإذا أنتِ انقضيتِ فلاَ تحوري
فإنْ يكُ بالذنائبِ طالَ ليليفقدْ أبكي منَ الليلِ القصيرِ
وَأَنْقَذَنِي بَيَاضُ الصُّبْحِ مِنْهَالقدْ أنقذتُ منْ شرًّ كبيرِ
كأنَّ كواكبَ الجوزاءِ عودٌمُعَطَّفَة ٌ عَلَى رَبْعٍ كَسِيرٍ
كأنَّ الفرقدينِ يدا بغيضٍأَلَحَّ عَلَى إَفَاضَتِهِ قَمِيرِي
أرقتُ وَ صاحبي بجنوبِ شعبٍلبرقٍ في تهامة َ مستطيرِ
فَلَوْ نُبِشَ المَقَابِرُ عَنْ كُلَيْبٍفيعلمَ بالذنائبِ أيُّ زيرِ
بِيَوْمِ الشَّعْثَمَيْنِ أَقَرَّ عَيْناًوَكَيْفَ لِقَاء مَنْ تَحْتَ الْقُبُورِ
وَ أني قدْ تركتُ بوارداتٍبُجَيْراً فِي دَمٍ مِثْلِ الْعَبِيرِ
هَتَكْتُ بِهِ بُيُوتَ بَنِي عُبَادٍوَبَعْضُ الغَشْمِ أَشْفَى لِلصُّدُورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ يُوفَى مِنْ كُلَيْبٍإذا برزتْ مخبأة ُ الخدورِ
وَهَمَّامَ بْنَ مُرَّة َ قَدْ تَرَكْنَاعليهِ القشعمانِ منَ النسورِ
ينوءُ بصدرهِ وَ الرمحُ فيهِوَيَخْلُجُهُ خَدَبٌ كَالْبَعِيرِ
قَتِيلٌ مَا قَتِيلُ المَرْءِ عَمْروٌوَجَسَّاسُ بْنُ مُرَّة َ ذُو ضَرِيرِ
كَأَنَّ التَّابِعَ المِسْكِينَ فِيْهَاأَجِيرٌ فِي حُدَابَاتِ الْوَقِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإِذَا خَافَ المُغَارُ مِنَ الْمُغِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإِذَا طُرِدَ اليَتِيمُ عَنِ الْجَزُورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإذا ما ضيمَ جارُ المستجيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإذا ضاقتْ رحيباتُ الصدورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإِذَا خَافَ المَخُوفُ مِنَ الثُّغُورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإِذا طَالَتْ مُقَاسَاة ُ الأُمُورِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإِذَا هَبَّتْ رِيَاحُ الزَّمْهَرِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإِذَا وَثَبَ المُثَارُ عَلَى المُثِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإِذَا عَجَزَ الغَنِيُّ عَنِ الْفَقِيرِ
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍإِذَا هَتَفَ المُثَوبُ بِالْعَشِيرِ
تسائلني أميمة ُ عنْ أبيهاوَمَا تَدْرِي أُمَيْمَة ُ عَنْ ضَمِيرِ
فلاَ وَ أبي أميمة َ ما أبوهامَنَ النَّعَمِ المُؤَثَّلِ وَالْجَزُورِ
وَ لكنا طعنا القومَ طعناًعلى الأثباجِ منهمْ وَ النحورِ
نَكُبُّ الْقَومَ لِلأذْقَانِ صَرْعَىوَنَأْخُذُ بِالتَّرَائِبِ وَالصُّدُورِ
فَلَوْلاَ الرِّيْحُ أُسْمِعُ مَنْ بِحُجْرٍصليلَ البيضِ تقرعُ بالذكورِ
فِدى ً لِبَنِي شَقِيقَة َ يَوْمَ جَاءُواكاسدِ الغابِ لجتْ في الزئيرِ
غداة َ كأننا وَ بني أبينابجنبِ عنيزة رحيا مديرِ
كَأَنَّ الْجَدْيَ جَدْيَ بَنَاتِ نَعْشٍيكبُّ على اليدينِ بمستديرِ
وَتَخْبُو الشُّعْرَيَانِ إِلَى سُهَيْلٍيَلُوحُ كَقُمَّة ِ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ
وَكَانُوا قَوْمَنَا فَبَغَوْا عَلَيْنَافَقَدْ لاَقَاهُمُ لَفَحٌ السَّعِيرِ
تظلُّ الطيرُ عاكفة ً عليهمْكأنَّ الخيلَ تنضحُ بالعبيرِ

السبت، 18 يناير 2014

الحارث بن عباد البكري

الحارث بن عباد البكري

الحارث بن عباد سيد من سادات قبيلة بكر من بني وائل . شاعر و فارس جاهلي ذو نسب كريم عند العرب اذ ينتهي نسبه بمعد بن عدنان . أشتهر بفروسيّته و شجاعته  و قوّته و يعتبر من أحكم العرب في زمانه فكان من حكمته أنّه إعتزل الحرب الشّهيرة بحرب البسوس بين قبيلتي بكر و تغلب لاستعضام قتل كليب و لتفاهت أسبابها فقال "لا ناقة لي فيها و لا جمل"  فصارت مثلا يضرب عند العرب و لكن رغم اعتزاله الحرب الا أن ابنه بجير قتل فيها ضلما و كان قاتله المهلهل واسمه الزير سالم بن ربيعة التّغلبي وقال وهو يقتله "بؤ بشسع نعل كليب" فاشتدّ غضب الحارث و قال "الأمور مخلوجة و ليسة سلكا" فأرسله مثلا أيضا ثم أنشأ قصيدته المشهورة "قرّبا مربط النّعامة منّي"  يرثي فيها ابنه و يتوعّد بالثّأر له و قد كرّر هذا الصّدر في عدّة أبيات لشدّة غيضه و وقع الصّدمة عليه , و النّعامة فرس له .




كل شيء مصيره للزوال *****غير ربي وصالح الأعمال 
وترى الناس ينظرون جميعا**** ليس فيهم لذاك بعض احتيال 
قل لأم الأعز تبكي بجيرا *** ما أتي الماء من رؤوس الجبال 
لهف نفسي علي بجير اذاما *** جالت الخيل يوم حرب عضال 

وتساقي الكماة سما نقيعا**** وبدا البيض من قباب الحجال 
وسل كل حرة الوجه تدعو ********: يا لبكر غراء كالتثمال 
يا بجير الخيرات لا صلح حتي*** نملأ البيد من رؤوس الرجال 
وتقر العيون بعد بكاها*** حين تسقي الدما صدور العوالي
أصبحت وائل تعج من****** الحرب عجيج الجمال بالأثقال 
لا بجير أغني قتيلا ولا *****رهط كليب تزاوجوا عن ضلال
ثكلتني عن المنيّة أمّي ******** وأتى نعي عمّي وخالي
ان لم أشف النّفوس من تغلب***الغدر بيوم يذلّ بذل الجمال
سفهت تغلب وقالت جهارا*****خيل بكر ورجلها لا نبالي
لم أكن من جناتها علم الله ******واني بحرها اليوم صال 
قد تجنبت وائلا كي يفيقوا ****فأبت تغلب على أعتزالي 
وأشابوا ذؤابتي ببجير**********قتلوه ظلما بغير قتال 
قتله بشسع نعل كليب ******ان قتل الكريم بشسع غال 
يا بني تغلب خذوا الحذر انا**** قد شربنا بكأس موت زلال 
فاشربوا كأسها المريرصرفا***حال منكم تصرّم الآجال
يا بني تغلب ستلقون منّا*** نطحة تستبيح غرّ الحجال
يا بني تغلب زعمتم بأنّا***لا نستبيح الدّيار باستئصال

يا بني تغلب قتلتم قتيلا***** ما سمعنا بمثله في الخوالي 
ولعمري لأقتلنّ ببجير عدد*****الذّرّ والحصى والرّمال
ولعمري نحن أصبر منكم***عند تجريد مرهبات الصّقال
يال قومي من حادث قد دهان***ولحرب يشيب منها قذالي
أصبحت حربنا وحرب أبينا***باشتعال تشبّ بالأهوال
بعد سلم وألفة واجتماع***و تعاط بالعرف والأموال
لا أروم العدا زمانا عتابا***أو يذوق العداة حرّ نصالي
يا بني تغلب خذوا الحذر انّي***قد لبست الغدات ذيل المذال
لأبيدنّ تغلبا ببجيرأو******يذوق الحتوف كلّ الرّجال
قربا مربط النعامة مني ******لقحت حرب وائل عن حيال
قربا مربط النعامة مني***تبتغي اليوم قوّتي واحتيالي
قربا مربط النعامة مني *****ليس قولي يراد لكن فعالي 
قربا مربط النعامة مني******* جد نوح النساء بالاعوال
قربا مربط النعامة مني***** شاب رأسي وانكرتني العوالي 
قربا مربط النعامة مني****** للسرى والغدو والأصال 
قربا مربط النعامة مني***** طال ليلي على اليالي الطوال 
قربا مربط النعامة مني****** لاعتناق الأبطال بالأبطال 
قربا مربط النعامة مني *******واعدلا عن مقالة الجهال 
قربا مربط النعامة مني***** ليس قلبي عن القتال بسال 
قربا مربط النعامة مني****** كلما هب ريح ذيل الشمال 
قربا مربط النعامة مني******** لبجير مفكك الأغلال 
قربا مربط النعامة مني *******لكريم متوج بالجمال
قربا مربط النعامة مني****** لا نبيع الرجال بيع النعال 
قربا مربط النعامة مني***** لبجيرفداه عمي وخالي 
قرباها لحي تغلب شوسا *****لاعتناق الكماة يوم القتال
قرباها وقربا لأمتي درعا***** دلاصا ترد حد النبال 
قرباها بمرهفات حداد****** لقراع الابطال يوم النزال 

فأنكر عليه المهلهل قصيدته و كره أن يجعل الحارث بن عباد من فقيده ندّا لقتيل التّغلبيّين وائل ابن ربيعة التّغلبي الذي هو أخ المهلهل الأكبر. و لقّب بالمهلهل لشدّة حبّه للخمر و ارتياده الحانات و من ألقابه "الزّير سالم" والزير عند العرب هو المحبّ للنّساء المتغزّل بهنّ و لكنّه اعتزل اللّهو و حرّمه على نفسه مذ أن صار طلب ثأر.
فردّ عليه بقصيدة من نفس الوزن و الرّويّ
و قد كرّر فيها الصدر "قرّبا مربط المشهّر منّي" من باب السّخرية و المشهّر جواد أصيل له فقال :
هَل عَرَفتَ الغَـداةَ مِـن أَطـلالِ***رَهـنِ ريـحٍ وَديْمَـةٍ مِهطـالِ 
يَستَبيـنُ الحَليـمُ فِيهـا رُسومـاً***دارِسـاتٍ كَصَنعَـةِ العُـمَّـالِ 
قَد رَآها وَأَهلُـها أَهـلُ صِـدقٍ***لا يُـريـدونَ نِـيَّـةَ الإِرتِحـالِ 
يا لَقَـومـي لِلَـوعَـةِ البَلبـالِ**وَلِقَـتـلِ الكُمـاةِ وَالأَبـطـالِ 
وَلِعَيـنٍ تَبـادَرَ الـدَّمـعُ مِنهَـا***لِكُلَيـبٍ إِذ فاقَهـا بِانْهِـمـالِ 
لِكُلَيـبٍ إِذ الـرِّيـاحُ عَلَـيـهِ***ناسِفـاتُ التُّـرابِ بِـالأَذيـالِ 
إِنَّنِـي زائِـرٌ جُمـوعـاً لِبَكـرٍ***بَيهَهُـم حـارِثٌ يُريـدُ نِضالِـي 
قَد شَفَيتُ الغَليـلَ مِن آلِ بَكـرٍ***آلِ شَيبـانَ بَيـنَ عَـمٍّ وَخـالِ 
كَيفَ صَبري وَقَد قَتَلتُـم كُلَيبـاً***وَشَقيتُـم بِقَتلِـهِ فِـي الخَوالِـي 
فَلَعَمـرِي لأَقـتُـلَـن بِكُلَيـبٍ***كُلَّ قَيلٍ يُسمَـى مِـنَ الأَقيـالِ 
وَلَعَمري لَقَد وَطِئتُ بَنِـي بَكـرٍ***بِمـا قَـد جَنَـوهُ وَطءَ النِّعـالِ 
لَـم أَدَع غَيـرَ أَكلُـبٍ وَنِسـاءٍ***وَإِمـاءٍ حَـواطِـبٍ وَعِـيـالِ 
فَاشرَبـوا مـا وَرَدتُّـمُ الآنَ مِنَّـا***وَاصدِروا خاسِرينَ عَن شَرِّ حَـالِ 
زَعَمَ القَـومُ أَنَّنـا جـارُ سـوءٍ***كَذَبَ القَومُ عِندَنـا فِـي المَقـالِ 
لَم يَرَ النَّـاسُ مِثلَنـا يَـومَ سِرنـا***نَسلُبُ المُـلكَ بِالرِّمـاحِ الطِّـوالِ 
يَومَ سِرنـا إِلَـى قَبائِـلَ عَـوفٍ***بِجُمـوعٍ زُهـاؤوهـا كَالجِبـالِ 
بَينَهُم مـالِكٌ وَعَمـرٌو وَعَـوفٌ***وَعُقَيـلٌ وَصالِـحُ بـنُ هِـلالِ 
لَم يَقُم سَيـفُ حـارِثٍ بِقِتـالٍ***أَسلَـمَ الوالِـداتِ فِـي الأَثقـالِ 
صَـدَقَ الجَـارُ إِنَّنـا قَـد قَتَلنـا***بِقِبـالِ النِّعـالِ رَهـطَ الرِّجـالِ 
لا تَمَـلَّ القِتـالَ يَا ابـنَ عَبـادٍ***صَبِّرِ النَّفـسَ إِنَّنِـي غَيـرُ سَـالِ 
يا خَليلَـيَّ قَـرِّبـا اليَـومَ مِنِّـي***كُـلَّ وَردٍ وَأَدهَــمٍ صَـهَّـالِ 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***لِكُلَيـب الَّـذِي أَشَـابَ قَذالِـي 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***وَاسأَلانِـي وَلا تُطيـلا سُؤَالِـي 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***سَوفَ تَبدو لَنـا ذَواتُ الحِجـالِ 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***إِنَّ قَـولِـي مُطـابِـقٌ لِفِعالِـي 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***لِكُلَيـبٍ فَـداهُ عَمِّـي وَخالِـي 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***لاِعتِنـاقِ الكُمَـاةِ وَالأَبـطـالِ 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***سَوفَ أُصلِـي نِيـرانَ آلِ بِـلالِ 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***إِن تَلاقَـت رِجالُهُـم وَرِجالِـي 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***طَالَ لَيلِـي وَأَقصَـرَت عُذَّالِـي 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***يَالَبَكرٍ وَأَيـنَ مِنكُـم وِصَالِـي 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***لِنـضَـالٍ إِذَا أَرَادُوا نِضَـالِـي 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***لِقَتيـلٍ سَفَتـهُ ريـحُ الشَّمـالِ 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***مَـعَ رُمـحٍ مُثَـقَّـفٍ عَسَّـالِ 
قَـرِّبـا مَربَـطَ المُشَهَّـرِ مِنِّـي***قَـرِّبـاهُ وَقَـرِّبـا سِربَـالِـي 
ثُمَّ قُـولاَ لِكُـلِّ كَهـلٍ وَنـاشٍ***مِن بَنِي بَكـرٍ جَـرِّدُوا لِلقِتـالِ 
قَـد مَلَكناكُـمُ فَكونـوا عَبيـداً***مَا لَكُم عَن مِلاكِنا مِـن مَجَـالِ 
وَخُذوا حِذرَكُم وَشُدّوا وَجِـدُّوا***وَاصبِـرُوا لِلنِّـزالِ بَعـدَ النِّـزالِ 
فَلَقَد أَصبَحَـت جَمائِـعُ بَكـرٍ***مِثلَ عَادٍ إِذ مُزِّقَت فِـي الرِّمَـالِ 
يَا كُلَيبـاً أَجِـب لِـدعـوَةِ دَاعٍ***موجَـعِ القَلـبِ دائِـمِ البَلبَـالِ 
فَلَقَد كُنتَ غَيـرَ نِكـسٍ لَـدَى***البَـأسِ وَلا واهِـنٍ وَلا مِكسَـالِ 
قَد ذَبَحنَا الأَطفالَ مِـن آلِ بَكـرٍ***وَقَهَـرنَـا كُماتَهُـم بِالنِّضـالِ 
وَكَرَّرنَـا عَلَيهِـمِ وَانثَنَـيـنـا***بِسُيـوفٍ تَقُـدُّ فِـي الأَوصَـالِ 
أَسلَموا كُلَّ ذَاتِ بَعـلٍ وَأُخـرَى***ذَاتَ خِدرٍ غَـرَّاءَ مِثـلَ الهِـلالِ 
يَا لَبَكـرٍ فَأَوعِـدوا مَـا أَرَدتُّـم***وَاستَطَعتُم فَمَـا لِـذَا مِـن زَوَالِ