المهلهل
هو الزّير سالم ابن ربيعة التّغلبي(ويقال أنّ اسمه عدي ابن ربيعة) وهو أخ وائل ابن ربيعة أعزّ العرب.
و تغلب قبيلة من بني وائل ابن نزار, اشتهرت بقوّتها و شدّة بأس فرسانها ولها من الأمجاد ما تحسد عليه, حتّى أنّ أحد المخضرمين يقول فيهم: "لو تأخّر الإسلام لأكلت تغلب العرب".
والمهلهل كان شاعرا و فارسا مغوارا لا يشقّ له غبار وكان بطّاشا ليس في قلبه مكان للخوف, إلا أنّه كان مهلهلا و زير نساء محبّا لللّهو والصّيد غير مكترث لشؤون قومه. و المهلهل هو الرّقيق سخيف النّسج. و يقال هلهل فلان الشّعر أي لم ينقّحه و أرسله كما جاأه لذلك سمّي بالمهلهل. وكان الزّير مقلّا في شعره يقول بيتا أو بيتين في الغزل إلى ان قتل جسّاس ابن مرّة البكري أخاه وائل ابن ربيعة " كليب " حتّى انقلبت حياة الزّير كاملة فأقسم على أن لا يعود إلى لهوه و سكره حتّى يحقّق ثأره من بني بكر كلّهم ويبيدهم عن بكرت أبيهم و لكن طال رثاؤه لأخيه وكثر شعره و طال بكائه عند قبره حتّى ظنّة العرب أنّه لن يقاتل وأنّه لا يصلح للقتال وطلب الثّأر وصار مسبّةً بينهم ..
و لكنّه أقام حربا دامت أرعين عاما و كان له فيها العجائب و الأخبار الكثيرة.
قال الزّير سالم يرثي أخاه كليبا:
أَهَاجَ قَذَاءَ عَيْنِي الإِذِّكَارُ هُدُوّاً فَالدُّمُوعُ لَهَا انْحِدَارُ
وَصَارَ اللَّيْلُ مُشْتَمِلاً عَلَيْنَا كأنَّ الليلَ ليسَ لهُ نهارُ
وَبِتُّ أُرَاقِبُ الْجَوْزَاءَ حَتَّى تقاربَ منْ أوائلها انحدارُ
أُصَرِّفُ مُقْلَتِي فِي إِثْرِ قَوْمٍ تَبَايَنَتِ الْبِلاَدُ بِهِمْ فَغَارُوا
وَ أبكي وَ النجومُ مطلعاتٌ كأنْ لمْ تحوها عني البحارُ
عَلَى مَنْ لَوْ نُعيت وَكَانَ حَيّاً لَقَادَ الخَيْلَ يَحْجُبُهَا الغُبَارُ
دَعَوْتُكَ يَا كُلَيْبُ فَلَمْ تُجِبْنِي وَ كيفَ يجيبني البلدُ القفارُ
أجبني يا كليبُ خلاكَ ذمٌّ ضنيناتُ النفوسِ لها مزارُ
أجبني يا كليبُ خلاكَ ذمُّ لقدْ فجعتْ بفارسها نزارُ
سقاكَ الغيثُ إنكَ كنت غيثاً وَيُسْراً حِينَ يُلْتَمَسُ الْيَسَارُ
أَبَتْ عَيْنَايَ بَعْدَكَ أَنْ تَكُفَّا كَأَنَّ غَضَا الْقَتَادِ لَهَا شِفَارُ
وَ إنكَ كنتَ تحلمُ عنْ رجالٍ وَ تعفو عنهمُ وَ لكَ اقتدارُ
وَ تمنعُ أنْ يمسهمُ لسانٌ مخافة َ منْ يجيرُ وَ لاَ يجارُ
وَكُنْتُ أَعُدُّ قُرْبِي مِنْكَ رِبْحاً إِذَا مَا عَدَّتِ الرِّبْحَ التِّجَارُ
فلاَ تبعدْ فكلٌّ سوفَ يلقى شَعُوباً يَسْتَدِيرُ بِهَا الْمَدَارُ
يَعِيشُ المَرْءُ عِنْدَ بَنِي أَبِيهِ وَ يوشكُ أنْ يصيرَ بحيثُ صاروا
أرى طولَ الحياة ِ وّ قدْ تولى كَمَا قَدْ يُسْلَبُ الشَّيْءُ المُعَارُ
كَأَنِّي إذْ نَعَى النَّاعِي كُلَيْباً تطايرَ بينَ جنبيَّ الشرارُ
فدرتُ وّ قدْ عشيَ بصري عليهِ كما دارتْ بشاربها العقارُ
سألتُ الحيَّ أينَ دفنتموهُ فَقَالُوا لِي بِسَفْحِ الْحَيِّ دَارُ
فسرتُ إليهِ منْ بلدي حثيثاً وَطَارَ النَّوْمُ وَامْتَنَعَ القَرَارُ
وَحَادَتْ نَاقَتِي عَنْ ظِلِّ قَبْرٍ ثَوَى فِيهِ المَكَارِمُ وَالْفَخَارُ
لدى أوطانِ أروعَ لمْ يشنهُ وَلَمْ يَحْدُثْ لَهُ فِي النَّاسِ عَارُ
أَتَغْدُوا يَا كُلَيْبُ مَعِي إِذَا مَا جبانُ القومِ أنجاهُ الفرارُ
أتغدُوا يا كليب معي إذا ما خلوق القوم يشحذُها الشفار
أقولُ لتغلبٍ وَ العزُّ فيها أثيروها لذلكمُ انتصارُ
تتابعَ إخوتي وَ مضوا لأمرٍ عليهِ تتابعَ القومُ الحسارُ
خذِ العهدَ الأكيدَ عليَّ عمري بتركي كلَّ ما حوتِ الديارُ
وَهَجْرِي الْغَانِيَاتِ وَشُرْبَ كَأْسٍ وَلُبْسِي جُبَّة ً لاَتُسْتَعَارُ
وَ لستُ بخالعٍ درعي وَ سيفي إلى أنْ يخلعَ الليلَ النهارُ
وإلاَّ أَنْ تَبِيدَ سَرَاة ُ بَكْرٍ فَلاَ يَبْقَى لَهَا أَبَداً أَثَارُ
وقال :
لما نعى الناعي كليباً أظلمتْ***شمسُ النهارِ فما تريدُ طلوعا
قتلوا كليباً ثم قالوا أرتعوا***كذبوا لقدْ منعوا الجيادَ رتوعا
كَلاَّ وَأَنْصَابٍ لَنَا عَادِيَّة ٍ *** مَعْبُودَة ٍ قَدْ قُطِّعَتْ تَقْطِيعَا
حتى أبيدَ قبيلة ً وَ قبيلة ً *** وَ قبيلة ً وَ قبيلتينِ جميعا
وَتَذُوقَ حَتْفاً آلُ بَكْرٍ كُلُّها***وَنَهُدٌ مِنْهَا سَمْكَهَا الْمَرْفُوعَا
حَتَّى نَرَى أَوْصَالَهُمْ وَجَمَاجِماً***مِنْهُمْ عَلَيْهَا الخَامِعَاتُ وُقُوعَا
وَ نرى سباعَ الطيرِ تنقرُ أعيناً***وَتَجُرُّ أَعْضَاءً لَهُمْ وَضُلُوَعا
وَالْمَشْرَفِيَّة َ لاَ تُعَرِّجُ عَنْهُمُ***ضَرْباً يَقُدُّ مَغَافِراً وَدُرُوعَا
وَالْخَيْلَ تَقْتَحِمُ الْغُبَارَ عَوَابِساً***يومَ الكريهة ِ ما يردنَ رجوعا
قتلوا كليباً ثم قالوا أرتعوا***كذبوا لقدْ منعوا الجيادَ رتوعا
كَلاَّ وَأَنْصَابٍ لَنَا عَادِيَّة ٍ *** مَعْبُودَة ٍ قَدْ قُطِّعَتْ تَقْطِيعَا
حتى أبيدَ قبيلة ً وَ قبيلة ً *** وَ قبيلة ً وَ قبيلتينِ جميعا
وَتَذُوقَ حَتْفاً آلُ بَكْرٍ كُلُّها***وَنَهُدٌ مِنْهَا سَمْكَهَا الْمَرْفُوعَا
حَتَّى نَرَى أَوْصَالَهُمْ وَجَمَاجِماً***مِنْهُمْ عَلَيْهَا الخَامِعَاتُ وُقُوعَا
وَ نرى سباعَ الطيرِ تنقرُ أعيناً***وَتَجُرُّ أَعْضَاءً لَهُمْ وَضُلُوَعا
وَالْمَشْرَفِيَّة َ لاَ تُعَرِّجُ عَنْهُمُ***ضَرْباً يَقُدُّ مَغَافِراً وَدُرُوعَا
وَالْخَيْلَ تَقْتَحِمُ الْغُبَارَ عَوَابِساً***يومَ الكريهة ِ ما يردنَ رجوعا
وقال :
كُلَيْبُ لاَ خَيْرَ في الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا******* إنْ أنتَ خليتها في منْ يخليها
كُلَيْبُ أَيُّ فَتَى عِزٍّ وَمَكْرُمَة ٍ******تحتَ السفاسفِ إذْ يعلوكَ سافيها
نعى النعاة ُ كليباً لي فقلتُ لهمْ******مادتْ بنا الأرضُ أمْ مادتْ رواسيها
لَيْتَ السَّمَاءَ عَلَى مَنْ تَحْتَهَا وَقَعَتْ*****وَحَالَتِ الأَرْضُ فَانْجَابَتْ بِمَنْ فِيهَا
أضحتْ منازلُ بالسلانِ قدْ درستْ*******تبكي كليباً وَ لمْ تفزعْ أقاصيها
الْحَزْمُ وَالْعَزْمُ كَانَا مِنْ صَنِيعَتِهِ*******ما كلَّ آلائهِ يا قومُ أحصيها
القائدُ الخيلَ تردي في أعنتها*******زَهْوَاً إذَا الْخَيْلُ بُحَّتْ فِي تَعَادِيها
النَّاحِرُ الْكُومَ مَا يَنْفَكُّ يُطْعِمُهَا*******وَالْوَاهِبُ المِئَة َ الْحَمْرَا بِرَاعِيهَا
منْ خيلِ تغلبَ ما تلقى أسنتها********إِلاَّ وَقَدْ خَضَّبَتْهَا مِنْ أَعَادِيهَا
قدْ كانَ يصحبها شعواءَ مشعلة ً*******تَحْتَ الْعَجَاجَة ِ مَعْقُوداً نَوَاصِيهَا
تكونُ أولها في حينِ كرتها*********وَأنتَ بالكرَّ يومَ الكرَّ حاميها
حَتَّى تُكَسِّرَ شَزْراً فِي نُحُورِهِمِ*******زرقَ الأسنة ِ إذْ تروى صواديها
أمستْ وَ قدْ أوحشتْ جردٌ ببلقعة ٍ******للوحشِ منها مقيلٌ في مراعيها
ينفرنَ عنْ أمَّ هاماتِ الرجالِ بها*****وَالْحَرْبُ يَفْتَرِسُ الأَقْرَانَ صَالِيهَا
يهزهونَ منَ الخطيَّ مدمجة ٍ******** كمتاً أنابيبها زرقاً عواليها
نرمي الرماحَ بأيدينا فنوردها*******بِيضاً وَنُصْدِرُهَا حُمْراً أَعَالِيهَا
يا ربَّ يومٍ يكونُ الناسُ في رهجٍ*******بهِ تراني على نفسي مكاويها
مستقدماً غصصاً للحربِ مقتحماً********ناراً أهيجها حيناً وأطفيها
لاَ أَصْلَحَ الله مِنَّا مَنْ يُصَالِحُكُمْ******ما لاحتِ الشمسُ في أعلى مجاريها
كُلَيْبُ أَيُّ فَتَى عِزٍّ وَمَكْرُمَة ٍ******تحتَ السفاسفِ إذْ يعلوكَ سافيها
نعى النعاة ُ كليباً لي فقلتُ لهمْ******مادتْ بنا الأرضُ أمْ مادتْ رواسيها
لَيْتَ السَّمَاءَ عَلَى مَنْ تَحْتَهَا وَقَعَتْ*****وَحَالَتِ الأَرْضُ فَانْجَابَتْ بِمَنْ فِيهَا
أضحتْ منازلُ بالسلانِ قدْ درستْ*******تبكي كليباً وَ لمْ تفزعْ أقاصيها
الْحَزْمُ وَالْعَزْمُ كَانَا مِنْ صَنِيعَتِهِ*******ما كلَّ آلائهِ يا قومُ أحصيها
القائدُ الخيلَ تردي في أعنتها*******زَهْوَاً إذَا الْخَيْلُ بُحَّتْ فِي تَعَادِيها
النَّاحِرُ الْكُومَ مَا يَنْفَكُّ يُطْعِمُهَا*******وَالْوَاهِبُ المِئَة َ الْحَمْرَا بِرَاعِيهَا
منْ خيلِ تغلبَ ما تلقى أسنتها********إِلاَّ وَقَدْ خَضَّبَتْهَا مِنْ أَعَادِيهَا
قدْ كانَ يصحبها شعواءَ مشعلة ً*******تَحْتَ الْعَجَاجَة ِ مَعْقُوداً نَوَاصِيهَا
تكونُ أولها في حينِ كرتها*********وَأنتَ بالكرَّ يومَ الكرَّ حاميها
حَتَّى تُكَسِّرَ شَزْراً فِي نُحُورِهِمِ*******زرقَ الأسنة ِ إذْ تروى صواديها
أمستْ وَ قدْ أوحشتْ جردٌ ببلقعة ٍ******للوحشِ منها مقيلٌ في مراعيها
ينفرنَ عنْ أمَّ هاماتِ الرجالِ بها*****وَالْحَرْبُ يَفْتَرِسُ الأَقْرَانَ صَالِيهَا
يهزهونَ منَ الخطيَّ مدمجة ٍ******** كمتاً أنابيبها زرقاً عواليها
نرمي الرماحَ بأيدينا فنوردها*******بِيضاً وَنُصْدِرُهَا حُمْراً أَعَالِيهَا
يا ربَّ يومٍ يكونُ الناسُ في رهجٍ*******بهِ تراني على نفسي مكاويها
مستقدماً غصصاً للحربِ مقتحماً********ناراً أهيجها حيناً وأطفيها
لاَ أَصْلَحَ الله مِنَّا مَنْ يُصَالِحُكُمْ******ما لاحتِ الشمسُ في أعلى مجاريها
وقال :
كُنَّا نَغَارُ عَلَى الْعَوَاتِقِ أَنْ تَرَى***بالأمسِ خارجة ً عنِ الأوطانِ
فَخَرَجْنَ حِينَ ثَوَى كُلَيْبٌ حُسَّراً *** مستيقناتٍ بعدهُ بهوانِ
فَتَرَى الْكَوَاعِبَ كَالظِّبَاءِ عَوَاطِلاً***إذْ حانَ مصرعهُ منَ الأكفانِ
يَخْمِشْنَ مِنْ أدَمِ الْوُجُوهِ حَوَاسِراً***مِنْ بَعْدِهِ وَيَعِدْنَ بِالأَزْمَانِ
مُتَسَلِّبَاتٍ نُكْدَهُنَّ وَقَدْ وَرَى *** أجوافهنَّ بحرقة ٍ وَ رواني
وَ يقلنَ منْ للمستضيقِ إذا دعا***أمْ منْ لخضبِ عوالي المرانِ
أمْ لا تسارٍ بالجزورِ إذا غدا***ريحٌ يقطعُ معقدَ الأشطانِ
أمْ منْ لاسباقِ الدياتِ وَ جمعها***وَلِفَادِحَاتِ نَوَائِبِ الْحِدْثَانِ
كَانَ الذَّخِيرَة َ لِلزَّمَانِ فَقَد أَتَى***فقدانهُ وَ أخلَّ ركنَ مكاني
يَا لَهْفَ نَفْسِي مِنْ زَمَانٍ فَاجِعِ***أَلْقَى عَلَيَّ بِكَلْكَلٍ وَجِرَانِ
بمصيبة ٍ لا تستقالُ جليلة ٍ***غَلَبَتْ عَزَاءَ الْقَوْمِ وللشُّبان
هَدَّتْ حُصُوناً كُنَّ قَبْلُ مَلاَوِذاً*** لِذَوِي الْكُهُولِ مَعاً وَالنِّسَوَانِ
أضحتْ وَ أضحى سورها منْ بعدهِ***متهدمَ الأركانِ وَ البنيانِ
فَابْكِينَ سَيِّدَ قَوْمِهِ وَانْدُبْنَهُ *** شدتْ عليهِ قباطيَ الأكفانِ
وَ ابكينَ للأيتامِ لما أقحطوا***وَ ابكينَ عندَ تخاذلِ الجيرانِ
وَ ابكينَ مصرعَ جيدهِ متزملاً*** بِدِمَائِهِ فَلَذَاكَ مَا أَبْكَانِي
فَلأَتْرُكَنَّ بِهِ قَبَائِلَ تَغْلِبٍ***قتلى بكلَّ قرارة ٍ وَ مكانِ
قتلى تعاورها النسورُ أكفها***ينهشنها وَ حواجلُ الغربانِ
فَخَرَجْنَ حِينَ ثَوَى كُلَيْبٌ حُسَّراً *** مستيقناتٍ بعدهُ بهوانِ
فَتَرَى الْكَوَاعِبَ كَالظِّبَاءِ عَوَاطِلاً***إذْ حانَ مصرعهُ منَ الأكفانِ
يَخْمِشْنَ مِنْ أدَمِ الْوُجُوهِ حَوَاسِراً***مِنْ بَعْدِهِ وَيَعِدْنَ بِالأَزْمَانِ
مُتَسَلِّبَاتٍ نُكْدَهُنَّ وَقَدْ وَرَى *** أجوافهنَّ بحرقة ٍ وَ رواني
وَ يقلنَ منْ للمستضيقِ إذا دعا***أمْ منْ لخضبِ عوالي المرانِ
أمْ لا تسارٍ بالجزورِ إذا غدا***ريحٌ يقطعُ معقدَ الأشطانِ
أمْ منْ لاسباقِ الدياتِ وَ جمعها***وَلِفَادِحَاتِ نَوَائِبِ الْحِدْثَانِ
كَانَ الذَّخِيرَة َ لِلزَّمَانِ فَقَد أَتَى***فقدانهُ وَ أخلَّ ركنَ مكاني
يَا لَهْفَ نَفْسِي مِنْ زَمَانٍ فَاجِعِ***أَلْقَى عَلَيَّ بِكَلْكَلٍ وَجِرَانِ
بمصيبة ٍ لا تستقالُ جليلة ٍ***غَلَبَتْ عَزَاءَ الْقَوْمِ وللشُّبان
هَدَّتْ حُصُوناً كُنَّ قَبْلُ مَلاَوِذاً*** لِذَوِي الْكُهُولِ مَعاً وَالنِّسَوَانِ
أضحتْ وَ أضحى سورها منْ بعدهِ***متهدمَ الأركانِ وَ البنيانِ
فَابْكِينَ سَيِّدَ قَوْمِهِ وَانْدُبْنَهُ *** شدتْ عليهِ قباطيَ الأكفانِ
وَ ابكينَ للأيتامِ لما أقحطوا***وَ ابكينَ عندَ تخاذلِ الجيرانِ
وَ ابكينَ مصرعَ جيدهِ متزملاً*** بِدِمَائِهِ فَلَذَاكَ مَا أَبْكَانِي
فَلأَتْرُكَنَّ بِهِ قَبَائِلَ تَغْلِبٍ***قتلى بكلَّ قرارة ٍ وَ مكانِ
قتلى تعاورها النسورُ أكفها***ينهشنها وَ حواجلُ الغربانِ
وقال :
أليلتنا بذي حسمٍ أنيري | إذا أنتِ انقضيتِ فلاَ تحوري |
فإنْ يكُ بالذنائبِ طالَ ليلي | فقدْ أبكي منَ الليلِ القصيرِ |
وَأَنْقَذَنِي بَيَاضُ الصُّبْحِ مِنْهَا | لقدْ أنقذتُ منْ شرًّ كبيرِ |
كأنَّ كواكبَ الجوزاءِ عودٌ | مُعَطَّفَة ٌ عَلَى رَبْعٍ كَسِيرٍ |
كأنَّ الفرقدينِ يدا بغيضٍ | أَلَحَّ عَلَى إَفَاضَتِهِ قَمِيرِي |
أرقتُ وَ صاحبي بجنوبِ شعبٍ | لبرقٍ في تهامة َ مستطيرِ |
فَلَوْ نُبِشَ المَقَابِرُ عَنْ كُلَيْبٍ | فيعلمَ بالذنائبِ أيُّ زيرِ |
بِيَوْمِ الشَّعْثَمَيْنِ أَقَرَّ عَيْناً | وَكَيْفَ لِقَاء مَنْ تَحْتَ الْقُبُورِ |
وَ أني قدْ تركتُ بوارداتٍ | بُجَيْراً فِي دَمٍ مِثْلِ الْعَبِيرِ |
هَتَكْتُ بِهِ بُيُوتَ بَنِي عُبَادٍ | وَبَعْضُ الغَشْمِ أَشْفَى لِلصُّدُورِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ يُوفَى مِنْ كُلَيْبٍ | إذا برزتْ مخبأة ُ الخدورِ |
وَهَمَّامَ بْنَ مُرَّة َ قَدْ تَرَكْنَا | عليهِ القشعمانِ منَ النسورِ |
ينوءُ بصدرهِ وَ الرمحُ فيهِ | وَيَخْلُجُهُ خَدَبٌ كَالْبَعِيرِ |
قَتِيلٌ مَا قَتِيلُ المَرْءِ عَمْروٌ | وَجَسَّاسُ بْنُ مُرَّة َ ذُو ضَرِيرِ |
كَأَنَّ التَّابِعَ المِسْكِينَ فِيْهَا | أَجِيرٌ فِي حُدَابَاتِ الْوَقِيرِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إِذَا خَافَ المُغَارُ مِنَ الْمُغِيرِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إِذَا طُرِدَ اليَتِيمُ عَنِ الْجَزُورِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إذا ما ضيمَ جارُ المستجيرِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إذا ضاقتْ رحيباتُ الصدورِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إِذَا خَافَ المَخُوفُ مِنَ الثُّغُورِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إِذا طَالَتْ مُقَاسَاة ُ الأُمُورِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إِذَا هَبَّتْ رِيَاحُ الزَّمْهَرِيرِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إِذَا وَثَبَ المُثَارُ عَلَى المُثِيرِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إِذَا عَجَزَ الغَنِيُّ عَنِ الْفَقِيرِ |
عَلَى أَنْ لَيْسَ عَدْلاً مِنْ كُلَيْبٍ | إِذَا هَتَفَ المُثَوبُ بِالْعَشِيرِ |
تسائلني أميمة ُ عنْ أبيها | وَمَا تَدْرِي أُمَيْمَة ُ عَنْ ضَمِيرِ |
فلاَ وَ أبي أميمة َ ما أبوها | مَنَ النَّعَمِ المُؤَثَّلِ وَالْجَزُورِ |
وَ لكنا طعنا القومَ طعناً | على الأثباجِ منهمْ وَ النحورِ |
نَكُبُّ الْقَومَ لِلأذْقَانِ صَرْعَى | وَنَأْخُذُ بِالتَّرَائِبِ وَالصُّدُورِ |
فَلَوْلاَ الرِّيْحُ أُسْمِعُ مَنْ بِحُجْرٍ | صليلَ البيضِ تقرعُ بالذكورِ |
فِدى ً لِبَنِي شَقِيقَة َ يَوْمَ جَاءُوا | كاسدِ الغابِ لجتْ في الزئيرِ |
غداة َ كأننا وَ بني أبينا | بجنبِ عنيزة رحيا مديرِ |
كَأَنَّ الْجَدْيَ جَدْيَ بَنَاتِ نَعْشٍ | يكبُّ على اليدينِ بمستديرِ |
وَتَخْبُو الشُّعْرَيَانِ إِلَى سُهَيْلٍ | يَلُوحُ كَقُمَّة ِ الْجَبَلِ الْكَبِيرِ |
وَكَانُوا قَوْمَنَا فَبَغَوْا عَلَيْنَا | فَقَدْ لاَقَاهُمُ لَفَحٌ السَّعِيرِ |
تظلُّ الطيرُ عاكفة ً عليهمْ | كأنَّ الخيلَ تنضحُ بالعبيرِ |
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق